منتديات حلقات جامع الإمام البخاري
أخي الزائر إن كنت تود التسجيل في منتديات جامع الإمام البخاري فاظغط على
https://al-bokhari.ahlamontada.com/profile.forum?mode=register
منتديات حلقات جامع الإمام البخاري
أخي الزائر إن كنت تود التسجيل في منتديات جامع الإمام البخاري فاظغط على
https://al-bokhari.ahlamontada.com/profile.forum?mode=register
منتديات حلقات جامع الإمام البخاري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات حلقات جامع الإمام البخاري

إن من إجلال الله إكرام حامل القرآن
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
للتسجيل في المنتدى أضغط
هــــــنــــــا

 

 قصة نبي الله سليمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالاله العمري
مدير الموقع
عبدالاله العمري


عدد المساهمات : 46
التقدير : 1000095
السٌّمعَة : 13
تاريخ التسجيل : 10/01/2009
العمر : 28
الموقع : أبها

قصة نبي الله سليمان Empty
مُساهمةموضوع: قصة نبي الله سليمان   قصة نبي الله سليمان I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 02, 2010 10:50 am

هومن
الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد أبيه داود عليهما السلام،وقد
انفردا من بين الرسل بأن الله آتاهما الملك والنبوة. وقد ذكر اللهسليمان
في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى في سورة النساء: {إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍوَالنَّبِيِّينَ
مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا...} [النساء: 163].



* حياة سليمان عليه السلام في فقرات:

)أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة سليمان عليه السلام ما يلي:

1- أوصى داود عليه السلام بالملك لولده سليمان، ولما مات داود ورثهسليمان
في الملك، وكان عمره حينئذٍ اثنتي عشرة سنة، وكان سليمان - علىحداثة
سنه - ممن آتاهم الله الحكمة والفطانة وحسن السياسة.

2- اتسع ملك سليمان، وغالَبَ الأمم من حوله، حتى ضرب الجزية على جميعملوك
الشام، ثم امتد ملكه حتى كان له نفوذ على ملوك اليمن، وخضعت له ملكةسبأ،
فآمنت به ودخلت في دينه وطاعته.

3- قام بعمارة بيت المقدس - تنفيذاً لوصية أبيه داود عليه السلام - بعد
أربع سنين من توليه الملك، وأنفق في ذلك أموالاً كثيرة، وانتهى منعمرانه
بعد سبع سنين، وأقام السور حول أورشليم (مدينة القدس).

ثم بنى الهيكل (القصر الملكي)، قالوا: وقد أتم بناءه في مدة ثلاثعشرة
سنة، وأنشأ مذبح القربان، وكان له اهتمام عظيم بالإِصلاح والعمران،وكان
له أسطول بحري، قالوا: وكانت السفن تجلب له من الهند الذهب والفضةوالبضائع،
والفيلة والقرود والطواويس، وكان له عناية فائقة بالخيل، يروضهاويعدها
للحرب، وكانت له مجموعة كبيرة من النساء الحرائر والسراري.

قالوا: وقد قام بأعمال تجارية واسعة في البر والبحر، وأدخل نظام
الضرائب والسُّخرة، حتى أصبحت عظمة حكمه مضرب الأمثال.

4- وأورد المؤرخون أن سليمان عليه السلام حجَّ إلى بيت الله الحرامبمكة،
في ركبٍ مَلَكيٍ كبيرٍ وفّى فيه نذره، وقدم في حجته ذبائح وقرابينكثيرةً،
وأنه بعد حجه عليه السلام سافر بركبه إلى اليمن، ودخل أرض صنعاء. والله
أعلم.

5- ولبث في الملك (40) سنة ثم توفي عليه السلام، وقد بلغ عمره (52) سنة.

)ب) وقد تعرض القرآن الكريم في عدة سور لحياة سليمان عليه السلام،بشكل
تناول أهم النقاط البارزة في حياته، مما يتصل بنبوته وملكه، وبعضصفاته
ونعم الله عليه، وذكر منها ما لم يتعرض له أهل التاريخ، وأبرز ماجاء في
الكتاب العزيز مما يتصل به عليه السلام النقاط التالية:

1- إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه كما أوحى إلى سائرالرسل،
وأن الله آتاه علماً، وفضله وأباه على عالمي زمانه، كما قال أبوهداود
من قبل: {الحمد الله الذي فَضَّلَنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}.

2- إثبات أنه أوَّاب، ولذلك أثنى الله عليه بقوله :

{وَوهبنا لداود سليمان نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30].



3- إثبات أن الله أنعم عليه بنعم كثيرة منها ما يلي:

)أ) أن الله آتاه الملك ميراثاً من أبيه داود عليه السلام، قالتعالى:
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُعُلِّمْنَا
مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَالَهُوَ
الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16].



(ب) أن الله آتاه علم منطق الطير، كما آتى أباه داود مثل ذلك من قبله.

(جـ) أن الله آتاه الحكمة على حداثة سنه، ويشهد لذلك قصة الاستفتاءالفقهي
الذي وُجِّه إلى أبيه داود، فأفتى فيه بوجه، فاستدرك سليمان فأفتىبوجه
آخر، وكان ما أفتى به سليمان أضمن للحق وأقرب للصواب، وقد أوردنا هذهالقصة
فيما سبق عند الكلام على حياة داود عليه السلام.

(د) أن الله سخَّر لسليمان الريح تجري بأمره حيث أراد، غُدُوُّها شهرورواحها
شهر، فإذا أرادها رخاء جرت بأمره رخاء حيث أصاب، وإذا أرادهاعاصفةً
جرت بأمره عاصفة إلى الأرض التي أراد.

فتسوق له السفن حسب إرادته، وتتجه بأمره إلى الأرض التي يوجهها
إليها حسب المصالح التي يقدرها.

وهذا التسخير من المعجزات التي اختص الله بها سليمان عليه السلام.

(هـ) أن الله سخر له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يزغمنهم
عن أمر الله يذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب،وتماثيل،
وجفان كالجواب، وقدور راسيات. كما سخر له من الشياطين - وهممَرَدَة
الجن - من يغوصون له في البحار، لاستخراج ما يريد منها، ومن يبنونله
المباني الضخمة، كما سلطه الله على آخرين من الشياطين إذ يكف شرهم عنالناس،
وذلك بتقييدهم بالأغلال. قال الله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُالرِّيحَ
تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَكُلَّ
بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ}.



مقرّنين في الأصفاد: مقيدين في الأغلال.

)و) أن الله سخر له الجنود من الجن والإِنس والطير، يجتمعون بأمرهويطيعونه.
قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّوَالإِنْسِ
وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}.



يوزعون: يؤمرون فيطيعون، ويمنعون فيمتنعون.

(ز) أن الله أسال له عين القِطر - وهو النحاس - فكان النحاس يتدفق لهمذاباً
من عين خاصةٍ كتدفق الماء، ولعل ذلك كان في أرض بركانية.

4- ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام، قصته مع ملكة سبأ، قالوا:
واسمها بلقيس. والله أعلم.

وخلاصة هذه القصة - مقتبسة مما جاء في الكتاب المجيد في سورة (النمل)
- كما يلي:

عرفنا أن الله سخَّر لسليمان الطير يستخدم كلاً منها في مهماته، ضمنحدود
القدرات التي وهبها الله ذلك الصنف من الطير، وكان قد اختصه اللهبفهم
منطقها، وكيفية خطابها وإفهامها أوامره ونواهيه، وتلك معجزة خاصة منالله
لسليمان.

وكان من الطير المسخرة له (الهدهد)، إلاَّ أن هذا الهدهد قد وهبهالله
امتيازاً إدراكياً خاصاً، يستطيعأن يدرك به بعض ما يدركه الناس.

وذات مرة تفقّد سليمان جنوده من الطير، فلم يجد بينها طائر الهدهد.

قال سليمان: {مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْالْغَائِبِينَ
* لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُأَوْ
لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: 20-21].

ثم أقبل الهدهد، وحضر بين يدي سليمان عليه السلام، وسمع تأنيبه علىغيابه،
وتوعُّدَه له إلاَّ أن يأتي بسلطانٍ مبين يبرر غيابه.

فقال الهدهد لسليمان: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ
مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22].

فسأله سليمان: ما هو هذا النبأ اليقين؟

فأجاب الهدهد: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَايَسْجُدُونَ
لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُأَعْمَالَهُمْ
فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * يَسْجُدُوا
لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِوَالأَرْضِ
وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لاإِلَهَ
إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 23-26].

قال سليمان: {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْالْكَاذِبِينَ
* اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّتَوَلَّ
عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 27-28].

حمل الهدهد كتاب سليمان، وطار به حتى وصل إلى ملكة سبأ، فألقاه
إليها، ففضته وقرأته.

ثم قالت لوزرائها ومستشاريها: {يَا أَيُّهَا المَلأُ إِنِّي
أُلْقِيَإِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل:
29]، فاسمعوا محتواه: {إِنَّهُ مِنْسُلَيْمَانَ
وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * أَلاتَعْلُوا
عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 30-31].

ولما قرأت عليهم الكتاب قالت لهم: {يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِيفِي
أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِي} [النمل: 32].

قال ملَؤها ومستشاروها: "نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد"،
فإن كنتتريدين الحرب فنحن أهل
لها، وقد ذكروا ذلك ليشدوا من قوى مليكتهم، ويشيرواعليها
بعدم الاستسلام، ثم قالوا لها: {وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِيمَاذَا
تَأْمُرِينَ} [النمل: 33]. معلنين بذلك كمال الطاعة لما تأمر به.

قالت الملكة: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً} - أي: عنوةوعن
طريق القتال - {أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَاأَذِلَّةً}
{وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَيَرْجِعُ
الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 34-35]؟!

فالرأي أن نصانعه أولاً بالهدايا، ونحمِّلها لرجال دهاة منا، ينظرونمدى
قوة سليمان، ثم بعد ذلك نقرر ما يجب أن نفعله في ضوء ما يأتينا منمعلومات
عنه.

حمل رسل ملكة سبأ هداياهم إلى سليمان، فلما وصلوا إليه ووضعوها بينيديه،
قال سليمان: {أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌمِمَّا
آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36]!!.

وبذلك أعلن لهم أنه ليس بحاجة إلى مال، وإنما هو رسول صاحب دعوة
ربانية. ثم قال لرئيس رسل ملكة سبأ:

{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْبِهَا
وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37].

فرجع الرسل، ووصفوا لمليكتهم ما شهدوه عن عظمة ملك سليمان، وقوةبأسه،
وأنه لم يقبل هداياها، ولم يرضَ المصانعة، وأنه عازمٌ على ما ذكر فيكتابه
لها.

فعزمت الملكة على الاستسلام والانقياد، وشدّت رحالها وأحمالها،
وسارت بركابها إلى سليمان.

علم سليمان عليه السلام بأن القوم وافدون إليه طائعين منقادين، فقاللوزرائه
ومستشاريه، وسائر حاشيته من الإِنس والجن:{ يَا أَيُّهَا المَلأُأَيُّكُمْ
يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل:
38]؟!

فتسارع جنود سليمان وأنصاره لتلبية الطلب.

قال عفريت من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْمَقَامِكَ
وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39].

وكان لسليمان مجلس ملكي يجلس فيه للاستشارة والقضاء، وتصريف مهام
الملك.

قال الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ
يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}.

وإذا بعرش ملكة سبأ حاضر بين يدي سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه.

فلما رآه مستقراً عنده قال:{ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي
لِيَبْلُوَنِيأَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِوَمَنْ
كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

وأعدّ سليمان لها صرحاً خاصاً قبل أن تصل إليه، وجعل أرضه ممردة من
زجاج متلامع، مهيأ بشكل يخَاله الناظر لُجّةً.

وأراد عليه السلام أن يغير بعض معالم عرش ملكة سبأ، وينكِّره لها،ليمتحن
قوة ملاحظتها وانتباهها إذا جاءت وشهدت مظاهر عظمة هذا الملكالمؤيد
بالخوارق والعجائب، ودهشت بها، ولذلك: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَاعَرْشَهَا
نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ الَّذِينَ لايَهْتَدُونَ}.

{فَلَمَّا جَاءَتْ}فوجئت بأول امتحان، فعرض عليها عرشها و "قيل: {أَهَكَذَا
عَرْشُكِ}؟! فنظرت إليه - وكانت صاحبة فطنة وذكاء - وتأملته ثم "قالت: كأنه
هو" وهي قولة فَطِنٍ حَذِر.

وكأنها أدركت السرَّ، وأنه عرشها حقاً نقل من اليمن إلى مركز ملكسليمان،
ونُكِّر لها لامتحانها واختبار قوة ملاحظتها، فقالت: {وَأُوتِينَاالْعِلْمَ
مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}.

وأعلنت بذلك أن الذي جاء بها إلى سليمان - من بلادها - مسلمة طائعة،ما كان
قد حصل لديها من العلم بما عند سليمان من قوى خارقة وملك عظيم،وأنه
مؤيد بما لم يؤيَّد به ملك آخر.

إنها امرأة ذات عقل راجح، وفطنة عالية، ولديها استعداد سريع لإِدراكالحقيقة
والإِيمان بالله العلي القدير، إلا أن وجودها في بيئة كافرة - اعتادت
أن تعبد من دون الله - هو الذي كان قد صدّها عن إدراك الحقيقةوالإِيمان
بها: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِإِنَّهَا
كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}.

ثم دُعيت إلى دخول الصرح الذي أعدَّ لها:

"قيل لها: {ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً
وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا}.

قال سليمان لها: {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ}.

وهنا أدركت أن ذكاءها البالغ قد خانها في هذه اللحظة، إذ امتحنت
بأمرلم يسبق لها فيه ملاحظة أن تجربة، فأعلنت إيمانها مع سليمان لله ربالعالمين.

"قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44].

5- ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام مروره على وادي النمل،وذلك
ما تضمنه قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْالْجِنِّ
وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَاأَتَوْا
عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُادْخُلُوا
مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُوَهُمْ
لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَرَبِّ
أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّوَعَلَى
وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِيبِرَحْمَتِكَ
فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 17-19].



فهذه القصة تتضمن أن الله خلق في هذه النملة قوة إدراك أدركت به
مرورسليمان وجنوده في الوادي، فأمرت سائر النمل بدخول مساكنهم خشية أن يحطمهمسليمان
وجنوده وهم لا يشعرون، إذ لا غرض لهم بتحطيمهم، إنما هم قوميجتازون
في طريقهم، وكان ذلك هبة خاصة اختص الله بها وادي النمل هذا مندون
سائر النمل.

وسمع سليمان قول النمل بما آتاه الله من معجزات، فتبسّم ضاحكاً منقولها،
وتأمل في ما آتاه من نعمة الرسالة، ونعمة الملك، ونعمة اختصاصهبكثير
من المعجزات، فدعا الله أن يُوزِعه - يلهمه - أن يشكر نعمته التيأنعم
بها عليه وعلى والديه، وأن يعمل عملاً صالحاً يرضاه، وأن يدخلهبرحمته
في عباده الصالحين.

6- وقد تعرض القرآن الكريم لحادثةٍ جرت لسليمان عليه السلام، تتصلباهتمامه
بإعداد خيول الجهاد في سبيل الله وإشرافه عليها، لأن الخيول كانتمن
أعظم وسائل القتال قبل وجود هذه الآليات الحربية الحديثة.

وخلاصة هذه الحادثة: أنه عليه السلام كان قد أمر بإعداد مجموعة
كبيرةمن خيول الجهاد، ثم أراد أن يشاهد ما بلغت إليه هذه الخيول وفرسانها
منقوة وترويض، فعقد لذلك مشهداً في عشية يوم من الأيام، فعرضت عليه
مجموعةالخيول بكامل عدتها الحربية، فسره مرآها، وأعجبته كثرتها وقوتها. ورأىجنود
سليمان وخاصته إعجابه بهذه الخيول وحبه لها، وإقباله على اقتنائهاورياضتها،
فقال مبيناً سرّ ذلك: "إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، أي: إنني
ما أحببت هذه الخيول تلبية لشهوة من شهوات النفس، ولا تحقيقاً لغرضمن
أغراض الدنيا، وإما أحببتها ابتغاء تقوية دين الله، ونشر الحق والخير. وإذا
كان أناس يحبون أشياء من مظاهر الدنيا حب الشر، ورغبة في تلبيةالمطالب
الدنيئة للأَنفس، فإني أحببت حب الخير، ورغبة بتحقيق طاعة اللهتعالى.
ثم إن هذا الحب ليس أثراً صادراً عن النفس التي تدفع كثيراً من ذويالسلطان
إلى الظلم والعدوان، وبسط النفوذ على الشعوب لأغراض دنيوية، ولكنهأثر
صادر عن ذكر الله تعالى، وذكر الله يدفع المؤمن إلى السعي في طاعته،والعمل
ابتغاء مرضاته، وإن من طاعة الله تعالى الإِعداد للجهاد في سبيلنشر
دينه.

ثم أمر عليه السلام بإجرائها فانطلق بها فرسانها من الجهة التي هوفيها،
وتابعها النظر "حتى توارت بالحجاب" أي غابت عن بصره، ثم قال: "ردوهاعلي"،
فلما وصلت إليه، وسرّه منظر صلفها وقوتها، وأعجبه ترويضها، أقبلعليها
وطفق في تواضع كريم يمسح بيده سوقها وأعناقها تكريماً لها.

وإلى هذه الحادثة أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَوَهَبْنَالِدَاوُودَ
سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَعَلَيْهِ
بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ* فَقَالَ إِنِّيأَحْبَبْتُ
حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْبِالْحِجَابِ
* رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِوَالأَعْنَاقِ}
[ص: 30-33].



7- وقد تعرض القرآن الكريم لقصّة فتنة سليمان، وإلقاء الجسد علىكرسيه،
وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَاعَلَى
كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِيوَهَبْ
لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَالْوَهَّابُ}
[ص: 34-35].



ولم يثبت بخبرٍ صحيح الأمر الذي فتن الله به سليمان، ولا المراد منقوله
تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}. وقد ذكر المفسرونعدة
وجوه يحتملها النص، ولكن لا سبيل إلى الجزم بواحد منها، ولأهل الحشوحول
ذلك قصص لا أصل لها! وعليه فنحن نفوض الأمر إلى الله تعالى حتى يأتيناما
يكشف لنا المراد بوضوح.

وقد استأنس بعض المفسرين في شرح المراد من هذه الآية بما جاء فيالحديث
الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنسليمان
قال:

لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيلالله
تعالى، ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدةجاءت
بشق رجل. قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال إن شاءالله
لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.

قالوا: فلعل المراد من فتنة سليمان ابتلاؤه بما آتاه الله من ملكعظيم،
ونساء كثيرات حرائر وإماء، وتمنيه أن يكون له من صلبه أولاد كثيرونيقاتلون
في سبيل الله، ويوطدون دعائم الدولة الربانية، ونسيانه تعليق ذلكعلى
مشيئة الله تعالى، وذلك إذ أخذ على نفسه أن يطوف في ليلة واحدة علىعدد
كبير من نسائه، تأتي كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله، وتجاوزبذلك
حدود بشريته، ونسي أن يفوض تحقيق الأمر إلى مشيئة الله تعالى، فجوزيعلى
هذا بأن النساء اللواتي طاف عليهن لم يحملن منه إلا امرأة واحدة جاءتبشق
رجل. قالوا: فلعل هذا الشق هو المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَاعَلَى
كُرْسِيِّهِ جَسَدًا }، فلما رأى سليمان ذلك رجع إلى ربه وأناب،وقال: {رَبِّ
اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْبَعْدِي
إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}. وبذلك فوض أمر توطيد الملك - الذيلا
ينبغي لأحد من بعده - في مملكته الربانية إلى الله تعالى، لا إلىالمجاهدين
في سبيل الله من أولاده.

8- وقد تعرض القرآن المجيد أيضاً لقصّة موت سليمان عليه السلام، وبعضالملابسات
التي رافقت ذلك، فقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِالْمَوْتَ
مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُمِنسَأَتَهُ
فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوايَعْلَمُونَ
الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14].



المنسأة: العصا.

فهذا النص القرآني يدلّ على أن سليمان عليه السلام قضى الله عليهالموت
فمات، وبقي أمر موته مجهولاً، وأنه كان قبل موته متكئاً على عصاه،فلما
مات بقيت العصا هي الحافظة لتوازن جسمه من أن يخرّ.

لبث هكذا حتى جاءت دابة الأرض - قالوا: وهي الأرضة - فأخذت تأكلعصاه،
إلى أن ضعفت العصا بتأثير الأرضة عن حمل جثة سليمان، فانكسرت فخرّجسمه
على الأرض، عند ذلك علموا موته، وأقبلوا عليه ودفنوه، وظهر لهم بعدالبحث
أن الموت قد حصل من زمن غير قصير. ولما رأت الجن - المسخرون لسليمانبالأعمال
الشاقة من كل بناء وغواص - ذلك تبينوا أن لو كانوا يعلمون الغيبما
لبثوا في العذاب المهين هذه المدة الواقعة ما بين موته وعلمهم به!!

والذي يظهر: أن سليمان عليه السلام كان إذا دخل محرابه وخلا لنفسه،واعتكف
لعبادة ربه، لم يستطع أحد أن يدخل عليه - سواء كان من أهله أو منغير
أهله، وسواء كان من الإِنس أو من الجن - حتى يأذن له. وذلك بما وهبهالله
من هيبة وسلطان في الملك، وما يعلمون عنه من معجزات وخوارق عادات،وقوى
نافذة يستطيع أن يسخر بها الجن والطير، والريح الرخاء والريحالعاصفة،
وبخاصة بعد أن استقر ملكه، وتمرس به نوَّابه، وكبرت سنه، وصارميّالاً
للخلوات، يعبد فيها ربه، ويتجرد فيها من كل علائق الدنيا. وأماطعامه
وشرابه وحاجاته فإنهم يعلمون أن ذلك أيسر ما في الأمر عليه، فلايضعونها
في حسابهم، بل يفوضون له الأمر، حتى يأمر بشيء منها.

وبهذا التحليل تُدفع طائفة الإِشكالات التي قد تخطر على البال حولكيفية
بقائه مدة من الزمن ميتاً، وهو ملك البلاد دون أن يعلم بذلك أهلهوخاصته،
والجن والشياطين المسخرون للعمل بأمره. والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://al-bokhari.ahlamontada.com
 
قصة نبي الله سليمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فضل كلمة (لا إله إلا الله)
» طلب خاص من إمام الجامع وفقه الله
» (معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم)
» حمزة الحجري: حفظ كتاب الله في الـ 12 وترجل المنبر في الـ 14
» اللحظات الأخيرة في حياة الكابتن / خالد الشبيلي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات حلقات جامع الإمام البخاري :: ۩ المنتديات الجادة ۩ :: ۩ القصص والروايات ۩-
انتقل الى: